حدثني صديقي قائلاً :
كنت أبعث خادمة فقيرة تشتري لي كيلو من البرتقال في أيام مختلفة ،
حين تأتي إلى المنزل للخدمة في الأسبوع مرة ،
فلاحظت أنها تحضر كمية من البرتقال
تزيد نصف كيلو عن المطلوب .. و الثمن واحد .
و تكرر هذا بصورة لافتة ،
فرأيتُ أن أتتبع الأمر
فذهبت إلى بائعة البرتقال و هي امرأة فقيرة أيضاً ، و قلت لها :
إن فلانة تأخذ منك كمية من البرتقال أكثر من الوزن المطلوب .
فقالت البائعة في هدوء :
" فلانة امرأة فقيرة و تربي أطفالاً
فإذا اشترت مني شيئاً فأنا أعطيها
فوق ما تطلب بكثير ،
نحن الفقراء يجب أن يستر بعضنا بعضاً . "
لقد ظنت البائعة أن الخادمة تشتري البرتقال لأولادها
فجعلت تعطيها أكثر من حقها
و لم تُرِدْ أن تُشعرها بما تفعل كيلا تحرجها .
قلت في نفسي حين سمعت هذه القصة :
يا لله ! بائعة فقيرة لا تبلغ ما يقوم بأَوَدِها إلا بالكدِّ و التعب ،
تعرف المشترية المسكينة فتتصدق عليها دون أن تحس بفضلها ،
و ترى ذلك واجباً عليها يتكرر كلما حضرت للشراء !
و في الأغنياء من تُمَدُّ إليهم الأيدي المسكينة سائلة بعض القوت الضروري
فلا تجد غير الطرد و الازدراء !
فهل يتعلم الناس ؟
* من كتاب طرائف و مسامرات..
د. محمد رجب البيومي ..